٢ أي: واجب الطاعة. انظر: لسان العرب٧/٢٠٢. ٣ كذا بالأصل ولعل الصواب (وأنه) . ٤ وذهب المعتزلة إلى أن معرفة الله لا تنال إلا بالعقل، قال القاضي عبد الجبار بعد أن ذكر أنواع الدلالة وقسمها أربعة أنواع: العقل، والكتاب والسنة، والإجماع. قال: "ومعرفة الله لا تنال إلا بححة العقل" ثم علل ذلك بأن ما عدى العقل من الدلالات والحجج فرع على معرفة الله وتوحيده وعدله. ولو استدل بشيء منها على الله لكان ذلك استدلال بفرع للشيء على أصله وذلك لا يجوز". (شرح الأصول الخمسة ص: ٨٨) وحكى الشهرستانى اتفاق المعتزلة على أن أصول المعرفة وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع وأن الحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل. (الملل والنحل١/٤٥) . أمّا الأشاعرة فيوافقون السلف في أن معرفة الله عز وجل ممكنة بالعقل وأن الوجوب لا يكون إلا بالسمع. يقول الشهرستاني في حكاية مذهب الأشعري: "قال – أي الأشعري – والواجبات كلها سمعية، والعقل لا يوجب شيئاً ولا يقتضي تحسيناً ولا تقبيحاً، فمعرفة الله تعالى بالعقل تحصل وبالسمع تجب". (الملل والنحل ١/١٠١) وقال الإيجي: "النظر في معرفة الله واحب إجماعاً، واختلف في طريق ثبوته فهو عند أصحابنا السمع وعند المعتزلة العقل" المواقف ٢٨. فالأشاعرة إذاً يوافقون أهل السنة في أن معرفة الله إنما تجب بالسمع لا بالعقل وأن حصولها بالعقل ممكن فقط. غير أنهم يفارقونهم في قولهم إن أول الواجبات المعرفة أو النظر في المعرفة أو القصد إلى النظر في معرفة الله على اختلاف بينهم في ذلك. انظر: الإنصاف للباقلاني ص: ٢٢، والمواقف للإيجي ص: ٣٢، وإن وافقهم في ذلك بعض متكلمي أهل السنة من الحنابلة وغيرهم مثل أبي الفرج المقدسي كما نقل ذلك عنه ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل٨/٥، ومثل القاضي أبي يعلى إذ يقول في كتابه "المعتمد": "إذا ثبتت صحة النظر ووجوبه فإن أول ما أوجب الله على خلقه العقلاء النظر والاستدلال المؤديين إلى معرفة الله تعالى". نقل ذلك عنه ابن تيمية في المصدر السابق ص: ٣٤٩. والذي دلت عليه النصوص أن أول واجب على المكلف هو الشهادتان وأنه بهما يكون المرء من أهل الإسلام ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحداً ليكون مؤمناً بأن يستدل على معرفة الله وينظر في ذلك وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، ولم يقل حتى يستدلوا على معرفة الله، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ عندما أرسله إلى اليمن: " يا معاذ إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ثم إن معرفة الله أو الاستدلال على معرفته ليس كافياً لاعتبار الإِنسان مسلماً أو مؤمناً ففرعون كان عارفاً بربه، وأكثر مشركي العرب كانوا يعرفون الله عز وجل بأنه خالق الكون وأنه رب السماوات والأرض ومع ذلك لم تغن عنهم معرفتهم تلك شيئاً. وللسلف في المسألة قول آخر وهو أن معرفة الله صلى الله عليه وسلم فطرية بمعنى أن الخلق فطروا على معرفة خالقهم. يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما الرب تعالى فهو معروف بالفطرة، {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكّ} ، فالمشركون من عباد الأصنام وغيرهم من أهل الكتاب معترفون بالله مقرون به أنه ربهم وخالقهم ورازقهم وأنه رب السماوات والأرض والشمس والقمر... وقال: في موضع آخر: والصحيح أنها – أي معرفة الصانع فطرية لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل مولود يولد على الفطرة..." قال: لكن قد يعرض للفطرة ما يفسدها فتحتاج حينئذ إلى النظر فهي في الأصل ضرورية وقد تكون نظرية". الرسائل الكبرى ٢/٣٣٧، و٣٤٠. ولا خلاف بين ما قاله المؤلف من أن المعرفة ممكنة بالعقل وبين قول شيح الإِسلام عن الفطرة، فالعقل السليم موافق للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها. وأما قول المصنف إنها لا تجب إلا بالسمع فإنه يقصد أن الحجة لا تقوم على المكلف إلا بعد بعث الرسل. وقد استدل على ذلك بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاًً} .