للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الفصل تناقض؛ لأنّ الإِفهام من صفات الفعل، وأفعال الله تعالى محدثة ١ في غيره، فالكلام على هذا الأصل مخلوق محدث، وإذا لم يجز أن يقال: إنه مكلِّم في الأزل كان التكليم فعلاً لا غير، فيكون الكلام مخلوقاً.

وأحد٢ ما استدل به العلماء على نفي الخلق عن كلام الله سبحانه قوله عزوجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ٣ فقالوا: أتى بالمصدر ليعلم


١ أي عند الكلابية والأشعرية، يريد المؤلف رحمه الله إلزامهم بأن قولهم: "إن الله أفهم موسى عليه السلام كلامه بلطيفة.." مؤد إلى القول بخلق القرآن، لأن من مذهبهم وقولهم أن أفعال الله الاختيارية مخلوقة في غيره، والإفهام فعل اختياري، فيكون القرآن مخلوقا بناء على قولهم هذا، أما عند السلف، فأفعال الله تعالى ليست محدثة وإنما هي صفات له عز وجل قائمة به حاصلة بمشيئته وقدرته، كالخلق والرزق والمعافاة، ونحو ذلك، والذي عليه السلف أن الخلق غير المخلوق فالخلق فعل الخالق، والمخلوق مفعوله، وأفعال الرب قائمة به، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بأفعال الرب وصفاته كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك..." فاستعاذ بمعافاته، وهو فعل من أفعال الرب، ولو كان محدثاً لما جاز الاستعاذة به. راجع رسالة الصفات الاختيارية / لشيخ الإسلام ابن تيميه ضمن جامع الرسائل ٢/ ١٩-٢٠. وكنت قد وهمت في الطبعة الأولى في فهم كلام المؤلف رحمه الله فنبهني أخي الفاضل "ماجد بن سليمان الخليفة" إلى ذلك فجزاه الله خيراً وجعل ذلك في موازين حسناته.
٢ في الأصل "واحدٌ" بالتنوين.
٣ سورة النساء: جزء من آية "١٦٤".

<<  <   >  >>