للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكلام الحكل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وقد اتفقت الأئمة على أنّ الصفات لا تؤخذ إلا توقيفاً، وكذلك شرحها لا يجوز إلا بتوقيف.

فقول المتكلمين في نفي الصفات أو إثباتها بمجرد العقل أو حملها

على تأويل مخالف للظاهر ضلال. ولا يجوز أن يوصف الله سبحانه (إلا) ١ بما وصف به نفسه أو وصفه٢ به رسوله صلى الله عليه وسلم٣ وذلك إذا


١ في الأصل بالحاشية.
٢ في الأصل "وصف" وهو تحريف.
٣هذه هي القاعدة التي اتفق عليها السلف في باب أسماء الله وصفاته، وهي أنّ أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته توقيفية لا تعرف إلا من طريق الشرع فلا يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه في كتابه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم كما أشار المصنف رحمه الله. والنقول عن أئمة السلف في ذلك متكاثرة كلها تدل على هذا المعنى: قال الإمام أحمد بن حنبل: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث" عن ابن تيمية في الحموية ص ١٠٠١.
ويقول الإمام الدارمي ت ٢٨٠: "... نصفه بما وصف به نفسه أو وصفه به الرسول، ثم ذكر طرفاً من أسماء الله وصفاته الواردة في الشرع ثم قال: "فبهذا الرب نؤمن وإياه نعبد، وله نصلي ونسجد فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات فإنما يعبد غير الله" الرد على الجهمية ٣- ٤.
وقال ابن عبد البر: "أهل السنة مجمعون على الإِقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة، ويزعمون أنّ من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله ". التمهيد: "٧/ ١٤٥" فتدبر هذا الكلام فإن عليه من الله برهان.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان مذهب السلف: "فمن سبيلهم – أي السلف – في الاعتقاد الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه التي وصف بها نفسه وسمى بها نفسه في كتابه وتنزيله، أو على لسان رسوله من غير زيادة عليها ولا نقص منها ولا تجاوز لها ..." الفتاوى ٤/ ٢., وخالف في هذا الباب فريقان:
١- الجهمية والمعتزلة: ومذهبهم قائم على النفي والتعطيل: فنفوا صفات الله عز وجل وقالوا: هو عالم بذاته، وقادر بذاته، وحي بذاته، لا بعلم وقدرة وحياة. ونفوا كلامه وقالوا إنه محدث مخلوق. انظر: "الشهرستاني: في الملل والنحل ١/ ٤٤". وقال الأشعري: وزعمت الجهمية أنّ الله تعالى لا علم له ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر له، وأرادوا أن ينفوا أنّ الله عالم قادر حي سميع بصير فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك فأتوا بمعناه؛ لأنهم إذا قالوا لا علم لله ولا قدرة له فقد قالوا إنه ليس بعالم ولا قادر ووجب ذلك عليهم – قال – وهذا إنما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل – انظر: "الإبانة: ١٤٣"
٢- الأشاعرة والكلابية: الذين أولوا بعض صفات الله جل وعلا وأخرجوها عن ظاهرها ومفهومها فأولوا: الاستواء بالاستيلاء، وعلو المرتبة، واليدين. حملوها على القدرة، والعينين على البصر، والوجه على الوجود...الخ. ومن أئمة هؤلاء إمام الحرمين الجويني: انظر "الإرشاد ١٥٥" والغزالي: انظر: الاقتصاد ٣١، وابن فورك: انظر مشكل الحديث ١٩٣، ١٠٨، ١٨٥, وكلا الفريقين قد ضل في هذا الباب.

<<  <   >  >>