٢ في "ب" "لذاته". ٣ من قوله: "وإنما يقول بالتحديد.. - إلى هنا - اقتبسه شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الرسالة في كتابه: بيان تلبيس الجهمية ١/ ٤٤٦". ٤ اختلف السلف في قضية الحد: وهل يقال لله سبحانه وتعالى حد أم ليس له حد وقبل أن نذكر أقوالهم في ذلك ينبغي أن نبين أولاً معنى الحد في اللغة فالحد في اللغة: هو الفصل بين شيئين لئلا يختلط أحدهما بالآخر أو لئلا يتعدى أحدهما على الآخر. وحد الشيء من غيره يحده حداً وحدده: ميزه. انظر: لسان العرب ٣/١٤٠ فالحد إذا: ما يتميز به الشيء عن غيره. والسلف مجمعون على أن الله عز وجل متميز عن خلقه بائن منهم مستو على عرشه وورد إطلاق لفظ الحد لله عز وجل بهذا المعنى عن شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك "ت ١٨١". فقد روى الدارمي بسنده عن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك أنه سئل: بم نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق العرش، فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه- قال- قلت: بحد قال فبأي شيء انظر: الرد على الجهمية ص:٥، ورواه عبد الله ابن أحمد من عدة طرق إلى الحسن بن شقيق وفي بعضها لفظ "بحد" وليس في بعضها ذكر ذلك، انظر: السنة: ٧، ٣٥. . وروى الخلال بسنده عن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن قول ابن المبارك هذا قال: قد بلغني ذلك عنه وأعجبه. وفي رواية أخرى قال: هكذا على العرش استوى بحد، قال: فقلنا له: ما معنى قول ابن المبارك بحد؟ قال لا أعرفه، ولكن لهذا شواهد من القرآن في خمسة مواضع {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب} {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} ... وهو على العرش وعلمه بكل مكان. وكذلك روى عن ابن راهوية قال الخلال: أخبرنا حرب بن إسماعيل قال قلت لإسحاق- يعني ابن راهوية- على العرش بحد؟ قال نعم بحد- وذكر قول ابن المبارك، نقلا عن ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: ١/٤٢٨-٤٢٩. والذي دعا هؤلاء الأئمة لإِطلاق لفظ الحد: هو أن الجهمية لما قالوا إن الخالق في كل مكان وأنه غير مباين لخلقه ولا متميز عنهم بيَّن هؤلاء الأئمة أن الرب سبحانه على عرشه مباين لخلقه وذكروا الحد لأن الجهمية كانوا يقولون ليس له حد وما لا حد له لا يباين المخلوقات ولا يكون فوق العالم. انظر: بيان تلبيس الجهمية ١/٤٤٣. ومنع بعض السلف من إطلاق الحد عليه سبحانه وتعالى وهو قول: الخطابي: الذي يرى أنه لفظ لم يرد في الكتاب ولا في السنة فلا ينبغي إطلاقه في حق الله، لأن صفات الله إنما تؤخذ عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجيب بأن الذين أثبتوا الحد لم يثبتوه صفة لله. وممن منع منه: القاضي أبو يعلى في سابق قوليه وقد رجع عنه وقال بإطلاقه وروى الخلال عن الإمام أحمد أنه قال: "نحن نؤمن بالله تعالى على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حد ولا صفة يبلغها واصف ويحده أحد فصفات الله له ومنه، وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار بحد ولا غاية.."، نقلا عن ابن تيمية، بيان تلبيس الجهمية: ١/٤٣٠. فقد نفى الإِمام أحمد الحد في هذه الرواية، وأثبته في الرواية المتقدمة وأحسن ما قيل في الجمع بين الروايتين: إن إطلاق الحد يحمل على معنى أنه سبحانه: خارج العالم متميز عن خلقه، وأنه سبحانه على صفة يبين بها من غيره ويتميز. وتحمل رواية المنع: على الحد الذي بمعنى الصفة وأن خلقه لا يحدونه ولا يصفونه إلا بما وصف به نفسه ولا يدركون كنه وكيفية صفاته، كما في رواية عن أحمد "له حد لا نعلمه". أما الحد الذي نفاه الحافظ السجزي فهو الذي بمعنى الحصر فهو رحمه الله ينفي عن الله سبحانه وتعالى أن يكون محدوداً بشيء من الأمكنة لا تحده ولا تحصره لأنه سبحانه مباين لها، ولأنها محدثة والله سبحانه فوق المحدثات. أما الحد الذي أثبته ابن المبارك والإمام أحمد وغيرهما فهو الحد الذي بمعنى التمييز والمباينة للخلق. والإمام السجزي لا ينازع فيه بهذا المعنى. فهورحمه الله موافق للإمام أحمد وسائر السلف في إثبات علو الله على خلقه ومباينته وتميزه عن سائر مخلوقاته. والخلاف إنما هو في إطلاق لفظ الحد ولكل وجهة والاتفاق بينهم حاصل على التنزيه وإثبات العلو ومباينته سبحانه للمخلوقات. والله تعالى أعلم.