للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما يستقيم لكم تحصيل١ هذه العلوم إلا بأن يشرع في أخذ لغة العرب قبل ذلك، ليعلم معنى ما يرد عليه في القرآن، والحديث، والفقه.

ولا بد له من تعلم شيء من/ (٤٧/ب) النحو الذي به يوزن كلام العرب ويعرف صحيحه من فاسده.

فإذا تقدم واحد في هذه العلوم، وكان أخذه إياها ممن علم تقدمه فيها، وكونه متبعا (للسلف) ٢ مجانبا للبدع حكم بإمامته٣، واستحق أن


١ في الأصل بعد كلمة (تحصيل) لفظ: (ذلك) مضروب عليه.
٢ في الأصل (السلف) بالتنكير، وإثباتها بالتعريف يقتضيه السياق. لأن السلف بالتعريف إذا أطلق لا يفهم منه إلا السلف الصالح.. أما بالتنكير فقد يفهم منه غير ذلك فإن لكل خلف سلفاً. والمؤلّف إنما يقصد هنا المعهود في الذهن وهو السلف الصالح الذين هم أئمة الحق والهدى.
٣ اشترط المؤلف رحمه الله ثلاثة شروط للحكم على شخص ما بأنه إمام:
الأول: أن يتقدم في العلوم التي ذكرها. وهو شرط وجيه لأن الجاهل ونصف المتعلم لا يصلح أن يقدم ويؤتم به في العلم.
الثاني: أن يكون أخذه تلك العلوم عمن عُلم تقدمه فيها. وهو شرط وجيه أيضا.
الثالث: ان يكون من أخذها عنه متبعاً للسلف ومجانبا للبدع. وهذا الشرط يحتاج إلى إيضاح. فقد يقال: إن الحق ضالة المؤمن أنى وجده أخذه ومعروف انه تقدم في بعض العلوم لا سيما علوم العربية كثير ممن ابتلي ببدعة. فهل يؤخذ عنهم. لا شك أنه إذا كان يوجد من السلف من هو متقدم فيما تقدم فيه هؤلاء فالأخذ عنه أولى.
أما إذا لم يوجد إلا ذلك المبتدع فلا بأس من الأخذ عنه سيما إذا لم يدع إلى بدعته، أو أمن الآخذ عنه الافتتان به. وإنما اشترط المؤلّف هذا الشرط وأطلقه احترازا لأنه قلّ أن يوجد صاحب بدعة لا يدعو إليها أو على الأقل يمزج علمه بشيء منها.
هذا إذا كان الضمير في قوله (وكونه) يعود للمأخوذ عنه، أما إذا كان يعود للآخذ فالأمر واضح ولا إشكال.

<<  <   >  >>