بدأ الأشعري كتابه هذا بحمد الله والثناء عليه، ثم عقب بالصلاة والسلام على النبي الكريم - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - ناعتاً له بصفاته الحميدة التي على رأسها تبليغ رسالة ربه إلى الناس كافة.
ثم وجه الخطاب مباشرة إلى أهل الثغر بباب الأبواب، فذكرهم بنعم الله عليهم التي تستوجب حمده وشكره، وعرَّفهم بما يريد أن يكتب لهم فيه وهو بيان ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم إلى زمن الأشعري.
وبدأ كلامه ببيان أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة في وقت طغى فيه الباطل على الحق، حتى اندرست، أو ضاعت معالمه، وتمسك كل قوم بدين حسب ما أملاه عليهم الشيطان والهوى، وتحقق فيهم قول الله تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} ١.
في هذا الجو بعث النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس إلى الله وإلى عبادته وحده دون سواه ملفتاً نظرهم إلى آثار قدرة الله فيهم والتي أوجدتهم من العدم مشيراً إلى بعض الآيات القرآنية الداعية إلى النظر في خلق الإنسان وأطواره، ثم استخلص من هذه المقدمة أن الإنسان حادث بعد أن لم يكن، وعليه فليس بقديم، كما أن له محدِثاً أحدث وجوده، واستدل على وجود الله وحدوث الإنسان من وجود الإنسان نفسه، وأشار إلى أن الله أكد هذا الطريق حينما دعا العباد جميعاً إلى أن يتفكروا في خلق السماوات والأرض، وما بث فيهما من منافع ومصالح لا تخفى على كل ناظر.
وبعد ما ذكر الأشعري ذلك، وبيّن أن الله هو الذي خلق كل شيء أبطل قول الفلاسفة القائلين بالطبائع، أي أن هذه الأشياء وجدت من الطبيعة وعن طريق الصدفة لا غير.