للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذلك ما روي عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن بعض الصحابة حدثه فقال: إنك تكتب عن رسول الله كل ما يقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم - بشر يغضب فيقول ما لا يكون شرعاً، فرجع عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما قيل له، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم: "اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج من فمي إلا الحق" (١) . وهذه الروايات في الصحيح، وهناك غيرها ضعيف وهي كثيرة. فإذا ما وازنا بين روايات المنع وروايات الإذن، "وجدنا أبا بكر الخطيب - رحمه الله - (ت٤٦٣هـ) قد جمع روايات المنع فلم يصح منها إلا حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - السابق ذكره، وقد بينا أن الإمام أبا عبد الله البخاري قد أعله بالوقف على أبي سعيد، وكذلك فعل غيره" (٢) . بينما أحاديث الإذن كثيرة. والصحيح منها كثير، روينا بعضه، ومنها: إضافة إلى ما سبق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرض موته: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده" (٣) .

وقد اجتهد العلماء في الجمع بين أحاديث الإذن وأحاديث المنع، فنتج عن ذلك آراء أهمها:

أ- أن ذلك من منسوخ السنة بالسنة. أي أن المنع جاء أولاً، ثم نسخ بالإذن في الكتابة بعد ذلك. وإلى ذلك ذهب جمهرة العلماء، ومنهم


(١) رواه أبو داود، كتاب العلم، باب كتابة العلم، ١٠/٧٩، برقم ٣٦٢٩، وأحمد ٢/١٦٢، والدارمي في المقدمة باب ٤٣.
(٢) تدوين السنة. د. محمد مطر الزهراني: ٧٦.
(٣) رواه البخاري، كتاب العلم، باب كتابة العلم ١/٣١٥، برقم ١١٤.

<<  <   >  >>