للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢- أما قولهم إن الصحابة - رضوان الله عليهم - قد فهموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السنة ليست شرعاً فانصرفوا عنها، ولم يهتموا بكتابتها أو الالتزام بها، فهذا من الكذب والمكابرة، والمطلع على المدونات في كتب السنة، وتاريخ العلوم، وما كتب العلماء في مواقف الأمة المسلمة من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبخاصة موقف الصحابة - رضوان الله عليهم - من سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقطع بكذب هؤلاء ويعجب من مدى تبجحهم وافترائهم على الحق، إلى حد قلب الأوضاع وعكس الأمور. فقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرص الخلق على ملاحظة أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وحفظها، والعمل بها، بل بلغ من حرصهم على تتبع كل صغيرة وكبيرة وحفظها ووعيها والعمل بها أن كانوا يتناوبون ملازمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يحدث عنه البخاري بسنده المتصل إليه. يقول: "كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - من عوالي المدينة - وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يوماً، وأنزل يوماً، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم، وإذا نزل فعل مثل ذلك" (١) وما كان ذلك إلا لحرصهم الشديد على معرفة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعها والالتزام بها. وقد كان الصحابة يقطعون المسافات الطويلة ليسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حكم الله في بعض ما يعرض لهم. يروي البخاري


(١) أخرجه البخاري. كتاب العلم، باب التناوب في العلم ١/٢٨٦، برقم ٨٩.

<<  <   >  >>