عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - أن امرأة أخبرته أنها أرضعته هو وزوجه فركب من فوره من مكة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله عن حكم الله فيمن تزوج امرأة لا يعلم أنها أخته من الرضاع، ثم أخبرته بذلك من أرضعتهما؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "كيف وقد قيل؟ " ففارق زوجه لوقته وتزوجت بغيره.
وكان الصحابة - رضي الله عنهم - حريصين على أن يسألوا أزواج النبي - رضوان الله عليهن - عن سيرته وسنته في بيته، وكانت النساء يذهبن إلى بيوت أزواج النبي يسألنهن عما يعرض لهن، وهذا معروف مشتهر غني عن ذكر شاهد أو مثال.
بل لقد بلغ من حرص الصحابة - رضوان الله عليهم - على الالتزام بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يلتزمون ما يفعل ويتركون ما يترك دون أن يعرفوا لذلك حكمة، ودون أن يسألوا عن ذلك، ثقة منهم بأن فعله - صلى الله عليه وسلم - وحي. فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال:"اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتماً من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، ثم نبذه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إني لن ألبسه أبداً" فنبذ الناس خواتيمهم"(١) .
وروى القاضي عياض في كتابه "الشفا" عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعها عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم،
(١) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم ٢٨/٣٦ برقم ٧٢٩٨.