المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت لعروة بن الزبير "بلغني أنك تكتب الحديث عني، ثم تعود فتكتبه، فقال لها: أسمعه منك على شيء، ثم أعود فأسمعه على غيره. فقالت: هل تسمع في المعنى خلافاً؟ قال: لا، قالت: لا بأس بذلك"(١) . فالمعنى إذا كان بنفس اللفظ أو انضبط بألفاظ مشابهة فلا بأس به.
أما إن كان المراد أن الله - تعالى - لم يحفظ السنة مطلقاً لا بألفاظها ولا بمعانيها، وأنها ضيعت، فذلك كذب وافتراء على الله - تعالى - وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى الأمة المسلمة، وجحد ونكران لجهود عظيمة مميزة قام بها علماء السنة عبر تاريخ الإسلام.
والحق أن الله - سبحانه - تكفل بحفظ كتابه، ومن خلال حفظ كتابه تكفل الله - تعالى - ضمنياً بحفظ سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ذلكم أن الكتاب بحاجة إلى السنة التي تبينه، كما قال - عز وجل - {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(النحل:٤٤) . فالسنة ضرورية للكتاب، وهي إلى جانب الكتاب ضروريان للدين. فمن حفظ الله - تعالى - كتابه أن يحفظ السنة التي تبينه وتفصله، فإن القرآن بحاجة إليها ومن حفظ الله - تعالى - دينه كي يعرفه الخلق الذين كلفهم الله به، ويحاسبهم عليه، أن يحفظ كتابه وسنة نبيه، فإن الدين بحاجة إليهما. لذلك كان من قدر الله - سبحانه - أن هيأ لسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الأعلام الذين بذلوا في حفظ السنة ما لم يعرف له تاريخ العلوم