إن الله - عز وجل - أنزل القرآن الكريم بلفظه ومعناه، فالقرآن كلام الله - سبحانه، لذا كان جديراً بأن يحفظه الله - سبحانه - ويصونه أن يحرف أو يبدل، ولأن القرآن كذلك لم تجز روايته بالمعنى.
أما السنة فهي وحي الله - تعالى - إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله - تعالى - بما فيها من أحكام وتشريعات إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ثم صاغها النبي بكلامه. ولأن السنة ليست كلام الله - تعالى - فقد أجاز العلماء روايتها بالمعنى، ولم يطلق العلماء هذا الحكم بلا ضوابط أو حدود، بل وضعوا لراوي الحديث بالمعنى ضوابط وشروطاً بحيث لا تجوز روايته الحديث بالمعنى إلا إذا توفرت فيه هذه الضوابط والشروط.
ورأس هذه الشروط أن يكون عارفاً بالعربية، عالماً بألفاظها، ومدلولات تلك الألفاظ، بصيراً بعلاقات الألفاظ بعضها ببعض من ترادف واشتراك وتباين وغير ذلك. فإن كان الراوي على هذا العلم جاز له رواية الحديث بالمعنى، لأن في معرفته بالأمور التي ذكرناها أماناً من الخطأ في معاني الأحاديث التي يرويها. وإن لم تتوفر له هذه الشرائط فلا تجوز له الرواية بالمعنى.
أما الزعم بأن الله - تعالى - لم يحفظ سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن كان المراد أنه - تعالى - لم يحفظها بألفاظها. فهذا مسلم، وقد بينا أن السنة ليست بحاجة إلى نفس الألفاظ، بل الحاجة إلى معانيها المنضبطة ولو رويت بألفاظ أخرى لا تخل بالمعنى. وقد روى الخطيب البغدادي أن أم