للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٤ـ التغاضي والتغافل:

فالتغاضي والتغافل من أخلاق الأكابر والعظماء وهو مما يعين على استبقاء المودة واستجلابها، وعلى وأد العداوة وإخلاد المباغضة.

ثم إنه دليل على سمو النفس، وشفافيتها، وهو مما يرفع المنزلة، ويعلي المكانة.

قال ابن الأثير متحدثا عن صلاح الدين الأيوبي: "وكان ـ رحمه الله ـ حليما حسن الأخلاق، ومتواضعا، صبورا على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره، ولا يعلمه بذلك، ولا يتغير عليه.

وبلغني أنه كان جالسا وعنده جماعة، وفرمى بعض المماليك بعضا بسرموز١فأخطأته، ووصلت إلى صلاح الدين فأخطأته، ووقعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه؛ ليتغافل عنها"٢.

وكان الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ كثير التغاضي عن كثير من الأمور في حق نفسه، وحينما يسأل عن ذلك كان يقول:

ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي٣


١ سرموز: لم أجد لهذه الكلمة معنى؛ فما أدري أهي مصحفة، وأصلها بقشر موز؟ أم هي كلمة أعجمية؟ لا أدري.
٢ الكامل في التاريخ٩/٢٢٥.
٣ انظر: ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي للشيخ عبد الرحمن السديس، ص ٢٠٥ـ٢٠٦.

<<  <   >  >>