يقول: أنا كريم يروِّي نفسه أيام حياته بالخمر، ستعلم إن متنا غدًا أينا العطشان، يريد أنه يموت ريَّان وعاذله يموت عطشان.
٦٣-
أَرَى قَبْرَ نَحّامِ بَخيلٍ بِمَالِهِ ... كَقَبْرِ غَوِيٍّ في البطالَةِ مُفْسِدِ
النحّام: الحريص على الجمع والمنع. الغويّ: الغاوي الضال، والغي والغواية الضلالة، وقد غوى يغوي.
يقول: لا فرق بين البخيل والجواد بعد الوفاة فَلِمَ أبخل بأعلاقي، فقال: أرى قبر البخيل والحريص بماله كقبر الضال في بطالته المفسد بماله.
٦٤-
تَرَى جُثَوَتَينِ مِنْ تُرَابٍ عَلَيْهما ... صَفائحُ صُمٌّ من صَفِيحٍ مُنَضَّدِ
الجثوة: الكومة من التراب وغيره، والجمع الجثى. التنضيد: مبالغة النضد.
يقول: أرى قبري البخيل والجواد كومتين من التراب عليهما حجارة عراض صلاب، فيما بين قبور عليها حجارة عراض قد نضدت.
٦٥-
أَرَىَ الْمَوْتَ يعتامُ الكرَامَ ويَصْطَفِي ... عَقيلَةَ مالِ الفاحِشِ الْمُتَشَدِّدِ
الاعتيام: الاختيار. العقائل: كرائم المال والنساءِ، الواحدة عقيلة، الفاحش: البخيل.
يقول: أرى الموت يختار الكرام بالإفناء، ويصطفي كريمة مال البخيل المتشدد بالإبقاء، وقيل: بل معناه أن الموت يعم الأجواد والبخلاء، فيصطفي الكرام، وكرائم أموال البخلاء؛ يريد أنه لا تخلص منه لواحد من الصنفين، فلا يجدي البخل على صاحبه بخير فالجود أحرى لأنه أحمد.
٦٦-
أرَى العيش كنزًا ناقصًا كلَّ ليلةٍ ... ومَا تَنْقُصِ الأيّامُ وَالدّهرُ يَنْفَدِ
شبه البقاء بكنز ينقص كل ليلة، وما لا يزال ينقص فإن مآله إلى النفاد، فقال: وما تنقصه الأيام والدهر ينفد لا محالة، فكذلك العيش صائر إلى النفاد لا محالة؛ والنفاد الفناء، والفعل نفد ينفد، والإنفاد الإفناء.
٦٧-
لَعَمرُك إنّ الْمَوتَ ما أخطأ الفتى ... لكالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثِنْياهُ باليَدِ.