للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عين بعير، في الجاهلية، وكان الرجل إذا ملك ألف بعير فقأ عين فحلها"١.

"كان ورد بن حابس العبسي قتل هرم بن ضمضم المري، فتشاجر عبس وذبيان قبل الصلح، وحلف حصين بن ضمضم ألا يغسل حتى يقتل ورد بن حابس أو رجلا من بني عبس ثم من بني غالب، ولم يطلع على ذلك أحدًا، وقد حمل الحمالة٢ الحارث بن عوف بن أبي حارثة، قيل: بل أخوه حارثة بن سنان، فأقبل رجل من بني عبس ثم أحد بني مخزوم، حتى نزل بحصين بن ضمضم. فقال له حصين: من أنت أيها الرجل؟ قال: عبسي. قال: من أي عبس؟ فلم يزل ينتسب حتى انتسب إلى بني غالب، فقتله حصين. وبلغ ذلك الحارث بن عوف وهرم بن سنان فاشتد عليهما، وبلغ بني عبس فركبوا نحو الحارث. فلما بلغه ركوبهم إليه وما قد اشتد عليهم من قتل صاحبهم وأنهم يريدون قتل الحارث، بعث إليهم بمائة من الإبل معها ابنه وقال للرسول: قل لهم: الإبل إليكم أم أنفسكم؟ فأقبل الرسول حتى قال لهم ذلك فقال لهم الربيع بن زياد: يا قوم إن أخاكم قد أرسل إليكم: الإبل أحب إليكم أم ابني تقتلونه مكان قتيلكم. فقالوا نأخذ الإبل ونصالح قومنا، ونتم الصلح. فذلك حين يقول زهير يمدح الحارث وهرمًا:

أمن أم أوفى دمنة لم تكلّم ... بحومانة الدراج، فالمتثلَّم؟

وهي أول قصيدة مدح بها هرمًا٣، ثم مدح هرمًا بقصائد كثيرة حتى حلف هرم ألا يمدحه زهير إلا أعطاه، ولا يسأله إلا أعطاه، ولا يسلم عليه إلا أعطاه عبدا أو وليدة أو فرسًا، فاستحيا زهير مما كان يقبل منه، فكان إذا رآه في ملأ قال: عموا صباحًا غير هَرِم، وخيركم استثنيت٤.

يقول الرواة: إن أباه ربيعة لم يعشْ طويلًا في عشيرة أخواله، وإن امرأته تزوجت


١ شوقي ضيف، العصر الجاهلي، ص ٣٠٢.
٢ الحمالة: الدية.
٣ أبو الفرج الأصبهاني، الأغاني، ج١٠، ص٣٠٣، ٣٠٤، ولويس شيخو، شعراء النصرانية قبل الإسلام، ص ٥٢٤، ٥٢٥.
٤ أبو الفرح الأصبهاني، الأغاني، ج١، ص٣١٣، وجرجي زيدان، تاريخ اللغة العربية ج١، ص ١٠٢.

<<  <   >  >>