للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: وتعرككم الحرب عرك الرحى الْحَبَّ مع ثفاله، وخص تلك الحالة لأنه لا يبسط إلا عند الطحن، ثم قال: وتلقح الحرب في السنة مرتين وتلد توأمين، جعل إفناء الحرب إياهم بمنزلة طحن الرحى الحب، وجعل صنوف الشر تتولد من تلك الحروب بمنزلة الأولاد الناشئة من الأمهات، وبالغ في وصفها باستتباع الشر شيئين: أحدهما جعله إياها لاقحة كشافًا، والآخر إتآمها.

٣١-

فَتُنْتِج لَكُمْ غلْمانَ أشأمَ كلّهمْ ... كَأَحْمَرِ عادٍ ثُمّ تُرضِع فَتَفْطِمِ

الشؤم: ضد اليمن، ورجل مشئوم ورجال مشائيم كما يقال ميمون ورجال ميامين، والأشأم أفعل من الشؤم وهو مبالغة المشئوم، وكذلك الأيمن مبالغة الميمون وجمعه الأشائم وأراد بأحمر عاد أحمر ثمود وهو عاقر الناقة، واسمه قدار بن سالف.

يقول: فتولد لكم أبناء في أثناء تلك الحروب كل واحد منهما يضاهي في الشؤم عاقر الناقة ثم ترضعهم الحروب وتفطمهم، أي تكون ولادتهم ونشوؤهم في الحروب فيصبحون مشائيم على آبائهم.

٣٢-

فَتُغْلِل لكم مَا لا تُغِلّ لأَهْلِها ... قُرىً بالعراقِ من قَفِيزٍ وَدِرْهَمِ

أغلت الأرض تغلّ إذا كانت لها غلة، أظهر تضعيف المضاعف في محل الجزم والبناء على الوقف، يتهكم ويهزأ بهم.

يقول: فتغل لكم الحروب حينئذ ضروبًا من الغلات لا تكون تلك الغلات لقرى من العراق التي تغل الدراهم بالقفيزات١؛ وتلخيص المعنى أن المضار المتولدة من هذه الحروب تُرْبي على المنافع المتولدة من هذه القرى، كل هذا حث منه إياهم على الاعتصام بحبل الصلح، وزجر عن الغدر بإيقاد نار الحرب.

٣٣-

لَعَمْري لَنِعْمَ الْحَيّ جَرّ عليهِمُ ... بما لا يُؤاتيهمْ حُصَينُ بن ضَمضَمِ

جر عليهم: جنى عليهم، والجريرة الجناية، والجمع الجزائر، يؤاتيهم:


١ القفيز: مكيال كان يكال به قديْمًا يعادل الآن تقريبًا ١٦ كيلو غرامًا.

<<  <   >  >>