للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوافقهم، وهذه المؤاتاة قتل وردُ بن حابس العبسي هرمَ بن ضمضم قبل هذا الصلح، فلما اصطلحت القبيلتان عبس وذبيان استتر وتوارى حصين بن ضمضم لئلا يطالب بالدخول في الصلح، وكان ينتهز الفرصة حتى ظفر برجل من عبس بواء بأخيه فشد عليه فقتله فركبت عبس فاستقر الأمر بين القبيلتين على عقل القتيل.

يقول: أقسم بحياتي لنعمت القبيلة جنى عليهم حصين بن ضمضم، وإن لم يوافقوه في إضمار الغدر ونقض العهد.

٣٤-

وكانَ طَوَىَ كشحًا على مُسْتَكِنّةٍ ... فَلا هُوَ أبْدَاها وَلَمْ يَتَقَدّمِ

الكشح: منقطع الأضلاع، والجمع كشوح، والكاشح المضمر العداوة في كشحه، وقيل بل هو من قولهم: كشح يكشح كشحًا إذا أدبر وولى، وإنما سمي العدو كاشحًا لإعراضه عن الود والوفاق، ويقال: طوى كشحه على كذا أي أضمر في صدره. الاستكنان: طلب الكن، والاستكنان الاستتار، وهو في البيت على المعنى الثاني. فلا هو أبداها أي فلم يبدها. ويكون لا مع الفعل الماضي بمنزلة لم مع الفعل المستقبل في المعنى، كقوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} [القيامة: ٣١] أي فلم يصدق ولم يصلِّ، وقوله تعالى: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَة} [البلد: ١١] أي لم يقتحمها، وقال أمية بن أبي الصلت: [الرجز] :

إن تغفر اللهم فاغفر جَمَّا ... وأي عبد لك لا أَلَمَّا

أي لم يلم بالذنب. وقال الراجز:

وأي أمر سيء لا فعله

أي: لم يفعله.

يقول: وكان حصين أضمر في صدره حقدًا وطوى كشحه على نية مستترة فيه ولم يظهرها لأحد ولم يتقدم عليها قبل إمكانه الفرصة.

يقول: لم يتقدم لما أخفى فيجعل به، ولكن أخره حتى يمكنه.

٣٥-

وَقَالَ سأقضِي حاجتي ثُمَّ أَتَّقِي ... عَدوي بألْفٍ مِنَ وَرَائِيَ مُلْجَمِ

يقول: وقال حصين في نفسه: سأقضي حاجتي من قتل قاتل أخي أو قتل كفؤ له، ثم أجعل بيني وبين عدوي ألف فارس ملجم فرسه أو ألفًا من الخيل ملجمًا.

<<  <   >  >>