قال شيخنا رحمه الله: لا يُزهد في التوحيد، فإن بالزهد فيه يوقع في ضده. وما هلك من هلك ممن يدعي الإسلام إلا بعدم إعطائه حقه ومعرفته حق المعرفة، وظنوا أنه يكفي الاسم والشهادتان [لفظاً] ، ولم ينظروا ما ينافيه وما ينافي كماله هل هو موجود أو مفقود؟!
قال: ومما يذكر عن المؤلف -رحمه الله- أنه قال يوماً: يذكر البارحة أنه وجد رجل على أمه يجامعها، فاستعظم المحضر ذلك وضجوا منه رأوا أنه منكر كبير، وهو كبير. ثم قال لهم مرة أخرى: واحد أصيب بمرض شديد، فقيل له: اذبح "دِيَيْكْ" لفلان "وَليٍّ" فلم يستعظموه. ثم بين لهم أن الأول فاحشة يبقى معها التوحيد، والآخر ينافي التوحيد كله. وهذا لم يستعظموه مثل ذاك. وهذا هو الواقع من أكثر الناس فإن النفوس تستبشع أشياء أعظم من استبشاعها ما هو ضد التوحيد.
ولما ذكر المؤلف قصة بني إسرائيل الذين قالوا:{اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} . [الأعراف: ١٣٨] وقصة الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم "أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ ذَاتَ أَنْوَاطٍ" قال: ولكن هذه القصة تفيد أن المسلم بل العالم قد يقع في أنواع من الشرك وهو لا يدري، وتفيد أن قول الجاهل:"التوحيد فهمناه" أن هذا من أكبر الجهل ومكائد الشيطان. قال شيخنا: إذ كان السائل في القصة الأولى مع نبي وهو موسى وهم أوسع علماً منه والسائل في القصة الثانية مع نبي وهم أعلم وأقدم فضيلة استحسنوا ذلك ظنًّا منهم أن الله يحبه وأنه من العبادات التي يتقرب بها إلى الله.
وهذه الكلمة "التوحيد فهمناه" قد صدرت من بعض الطلبة لما كثر التدريس في التوحيد متنه أو كتب نحوه سئموا وأرادوا القراءة في كتب أخرى. وقيل: إنها صدرت من المراسلين١.