للشعر العربي والأزجال العامية، ويندر أن تصادف من المعلمين، بل ولا من المذيعين من يعنون بإنشادهم، وينهجون النهج الصحيح فيه، وقد نشأ في السنين الأخيرة نوع من الإنشاد لا نكاد نشعر فيه بنغم موسيقي، فيه تشتد عناية المنشد بالمعنى وتوضيحه، ضاربًا بالنغم والتوقيع عُرض الحائط، فتراه يحرص على وصل الصفة بموصوفها، أو الفاعل بفعله، أو الجار والمجرور بمتعلقهما، ولو أدى ذلك إلى تشويه في موسيقى البيت، وتقطيع لأوصاله، ولم يقسم القدماء البيت من الشعر إلى شطرين عبسًا أو اعتباطا، وإنما روعي في ذلك ناحية موسيقية خاصة لا تتحقق إنْ نحن وصلنا أحد الشطرين بكل من الشطر الآخر.
وضرب ذلك مثلاً من قول حافظ:
وَتَوَسَّموهُم في القُيودِ فَقائِلٌ ... هَذا فُلانٌ قَد وَشى بِفُلانِ
ويوضح أن هناك من يقرءون هذا البيت ويقفون على كلمة القيود وقفة طويلة كأنما قد انتهى الشطر عندها ثم يبدءون الشطر الثاني بكلمة فقائل ويصلونها به رغبة في الربط بين القول ومقول القول، وما دَرَوا أن الموسيقى حينذ تضطرب في أجزاء البيت وبذلك يكاد يصبح الشعر نثرًا.
ويوضح بعد ذلك طريقة الوقف التي تحافظ على المعنى وعلى النغم الموسيقي فيقول: فالوقف على آخر الشطر الأول بالقدر الذي تتطلبه موسيقى الشعر أمر ضروري، وهو ليس ذلك الوقف الذي يهبط عنده الصوت، وإنما هو وقف يصعد معه الصوت؛ ليشعر السامع بأن