للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأما المسألة الأولى ففيها روايتان عن أحمد:

إحداهما: المنع لقوله: " في كل أربعين شاة شاة، وفي مائتي درهم خمسة دراهم " ١ وأشباهه.

والثانية: يجوز، قال أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع ثمر نخله، فقال عشرة على الذي باعه. قيل يخرج تمراً أو ثمنه؟ قال: إن شاء أخرج تمرًا وإن شاء أخرج من الثمن.

إذا ثبت هذا فقد قال بكل من الروايتين جماعة، وصار نزاع فيها، فوجب ردها إلى الله والرسول. قال البخاري في صحيحه في أبواب الزكاة: باب العرض في الزكاة، وقال طاووس: قال معاذ لأهل اليمن: " ائتوني بعرض ثياب خبيص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة "، وقال: صلى الله عليه وسلم " وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله " ٢، ثم ذكر في الباب أدلة غير هذا، فصار الصحيح: أنه يجوز. واستدلال من منعه بقوله: " في كل أربعين شاة شاة " وأمثاله لا يدل على ما أرادوا، لأن المراد هو المقصود وقد حصل ٣، كما أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر المستجمر بثلاثة أحجار، بل نهى أن ينقص عن ثلاثة أحجار، لم يجمدوا على مجرد اللفظ، بل قالوا: إذا استجمر بحجر واحد له ثلاث شعب أجزأه. ولهذا نظائر أنه يؤمر بالشيء، فإذا جاء مثله أو أبلغ منه أجزأ.

وأما المسألة الثانية: فعن أحمد أن المضاربة لا تصح بالعروض، واختاره جماعة، ولم يذكروا على ذلك حجة شرعية نعلمها. وعن أحمد أنه يجوز،


١ أبو داود: الزكاة (١٥٧٢) .
٢ البخاري: الزكاة (١٤٦٨) , ومسلم: الزكاة (٩٨٣) , وأبو داود: الزكاة (١٦٢٣) .
٣ وافق الشيخ في هذه الفتوى مذهب الحنفية، واستدل له مثلهم بعمل معاذ باليمن وبالقياس للتيسير. وجمهور الأئمة والمحدثين يحملون عمل معاذ على غير الزكاة، لأنه أمر بردّها على فقرائهم، ويقولون أنه على كل حال اجتهاد منه، لا نص يزيل النزاع.

<<  <   >  >>