وتجعل قيمة العروض وقت العقد رأس المال. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المضاربة بالمتاع، فقال: جائز، واختاره جماعة، وهو الصحيح لأن القاعدة في المعاملات أن لا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله لقوله:" وسكت عن أشياء رحمةً لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها ".
وأما المسألة الثالثة، وهي إخراج الجدد في الزكاة هل يجوز أم لا؟ فهذه المسألة أنواع: أما إخراجها عن جدد مثلها، فقد صرحوا بجوازه فقالوا: إذا زادت القيمة بالغش، أخرج ربع العشر مما قيمته كقيمته. وأما إخراج المغشوش عن الخالص مع تساوي القيمة كما ذكر في السؤال، فهذه هي التي ذكر بعض المتأخرين المنع منها؛ وبعضهم يجيز ذلك، وهو الصحيح، بدليل ما تقدم في إخراج القيمة أنه يجزئ؛ فإن إخراج المغشوش يجيزه من لا يجيز القيمة؛ بل قال الشيخ تقي الدين: نصاب الأثمان هو المتعارف في كل زمن، من خالص ومغشوش، وصغير وكبير، وأما إخراج المغشوش عن الجيد مع نقصه مثل الجنازرة التي تسوى على ثمان لأجل الغش بالفضة عن جنازرة تسوى أكثر لقلة الغش، فهذا لا يجوز.
وأما المسألة الرابعة، وهي المضاربة بالمغشوش، فقد تقدم أن الصحيح جوازها بالعروض، وهي أبلغ من المغشوش. وقد أطلق الموفق في المقنع الوجهين، ولم يرجح واحداً منهما؛ ولكن الصحيح: جواز ذلك، لما تقدم. وما ذكر في السؤال من غش ذهب المعدن، فهذا غش لا قيمة له، فأين هذا مَن غش قيمته أبلغ من قيمة الفضة الخالصة أو مثلها؟