للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا والآخرة، فهو وقاية في الدنيا من الوقوع في المعاصي، فعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب! مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنَّه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنَّه له وِجاء" رواه البخاري (١٩٠٥) ، ومسلم (١٤٠٠) ، وهو وقاية في الآخرة من دخول النار، وقد جاء في الحديث:."مَن صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً" رواه البخاري (٢٨٤٠) .

وقوله: "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار"، فيه بيان عظم شأن الصدقة النافلة، وأنَّ الله تعالى يحطُّ بها الخطايا ويُطفئها بها كما يُطفئ الماءُ النارَ، والخطايا هي الصغائر، وكذلك الكبائر مع التوبة منها، وتشبيه النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إطفاء الصدقة للخطايا بإطفاء الماء النار يدلُّ على زوال الخطايا كلّها؛ فإنَّ المشاهد في الماء إذا وقع على النار أنَّه يزيلها حتى لا يبقى لها وجود.

وقوله: "وصلاة الرَّجل في جوف الليل" هذا هو الأمر الثالث من أبواب الخير، التي يُتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ بها، وقد تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أفضلَ الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل، رواه مسلم (١١٦٣) ، وقد مهَّد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لبيان أبواب الخير هذه بالاستفهام، وذلك في قوله لمعاذ: "ألاَ أدلُّك على أبواب الخير؟ "؛ لِمَا في ذلك من لفت نظر معاذ إلى أهميَّة ما يُلقَى عليه، ليتهيَّأ لذلك ويستعدَّ لوعي كلِّ ما يُلقَى عليه.

<<  <   >  >>