٥ قوله:"ألاَ أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سَنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد"، المراد بالأمر الشأن الذي هو أعظم الشؤون، وهو الدِّين الذي بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأسه الإسلام وهو عام، يشمل الصلاة والجهاد وغيرهما، وقد ذكر الصلاة ووصفها بأنَّها عمود الإسلام، شبَّه ذلك بالبناء الذي يقوم على أعمدته، وهي أهمُّ العبادات البدنية القاصر نفعها على صاحبها، ثم ذكر الجهاد الذي يشمل جهاد النفس وجهاد الأعداء من كفَّار ومنافقين، ووصفه بأنَّه ذروة سنام الإسلام؛ وذلك أنَّ في الجهاد قوةَ المسلمين وظهورَ دينهم وعلوَّه على غيره من الأديان.
٦ قوله:"ألاَ أخبرك بمِلاكِ ذلك كلِّه؟ قلت: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسانه، ثم قال: كُفَّ عليك هذا، قلت: يا نبيَّ الله! وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّم به؟ فقال: ثكِلتك أمُّك! وهل يَكبُّ الناسَ في النَّار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلاَّ حصائدُ ألسنتهم؟! "، في هذا بيان خطر اللسان، وأنَّه الذي يوقع في المهالك، وأنَّ مِلاَك الخير في حفظه، حتى لا يصدر منه إلاَّ ما هو خير، كما قال صلى الله عليه وسلم:"مَن يضمن لي ما بين لحْيَيْه ورِجليه أضمن له الجنَّة" رواه البخاري (٦٤٧٤) ، وقال صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، قال ابن رجب في شرح هذا الحديث في جامع العلوم والحكم (٢/١٤٦ ١٤٧) : "هذا يدلُّ على أنَّ كَفَّ اللسان وضبطَه وحَبسَه هو أصلُ الخير كلِّه، وأنَّ مَن مَلَكَ لسانَه فقد ملَكَ أمرَه وأحكمَه وضبطَه"، وقال: "والمرادُ بحصائد الألسنة جزاءُ الكلام المحرَّم وعقوباته، فإنَّ الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيِّئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع،