للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمَن زرَع خيراً مِن قول أو عمل حصد الكرامةَ، ومَن زرع شرًّا من قول أو عمل حصد غداً النَّدامةَ، وظاهرُ حديث معاذ يدلُّ على أنَّ أكثرَ ما يدخل به الناسُ النارَ النطقُ بألسنتهم، فإنَّ معصيةَ النطق يدخل فيها الشركُ، وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل، ويدخل فيها القولُ على الله بغير علم، وهو قرين الشرك، ويدخل فيها شهادةُ الزور التي عدَلت الإشراك بالله عز وجل، ويدخل فيها السِّحر والقذف وغير ذلك من الكبائر والصغائر، كالكذب والغيبة والنَّميمة، وسائرُ المعاصي الفعلية لا يخلو غالباً من قول يقترن بها يكون معيناً عليها".

وقوله: "ثكلتك أمُّك" قال الشيخ ابن عثيمين في شرح هذا الحديث: "أي: فقدتك حتى كانت ثكلى من فقدك، وهذه الجملة لا يُراد بها معناها، وإنَّما يُراد بها الحثُّ والإغراء على فهم ما يُقال"، بل إنَّ ما جاء من ذلك في هذا الحديث وما يُماثله يكون من قبيل الدعاء لِمَن أضيف إليه، ويدلُّ له الحديث في صحيح مسلم (٢٦٠٣) عن أنس، وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا أمَّ سُليم! أمَا تعلمين أنَّ شرطي على ربِّي أنِّي اشترطتُّ على ربِّي، فقلت: إنَّما أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيُّما أحد دعوت عليه من أمَّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة ومن دقَّة الإمام مسلم رحمه الله وحسن ترتيبه صحيحه أنَّه أورد عقب هذا الحديث حديثَ ابن عباس رضي الله عنهما في قوله في معاوية: "لا أشبع اللهُ بطنَه"، فيكون دعاءً له، وليس دعاء عليه.

<<  <   >  >>