للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث: فضل الكتابة، وأثرها

[المبحث الأول: فضل الكتابة]

استخلف الله جل وعلا آدم في الأرض، وتوالت عليه نعمه الجليلة، فخلقه من عدم، ورباه بالنعم، وأسبغ عليه نعمه ظاهرةً وباطنة، وعلمه العلم الذي يكون به جديراً لهذا الاستخلاف، وكان من أجل نعمه أن علمه البيان ليتعامل مع غيره، ويستفيد مما خلقه الله له فإن الإنسان تتمثل له المعاني في ذهنه، فيريد التعبير عنها فجعل له وسيلتين للبيان عما في ذهنه: أولاهما: البيان اللفظي، فجعل له آلة اللسان التي يعبر بها عن تلك المعاني ويترجم عنها بها لغيره، وثانيتهما: البيان الرسمي الخطي الذي يرسم به تلك الألفاظ فيتبين للناظر معانيها كما يتبين للسامع معاني الألفاظ، وقرر فضل البيان في سياق نعمه التي امتن بها على عباده فقال: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:١-٤] ، وامتن بتعليم الكتابة والقراءة خاصة في أول سورة أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ـ ٥] .

وكان من جلال هذه النعمة أن ربط هذه النعم باسم الرحمن مفرداً، وباسم الأكرم على صيغة أفعل الذي هو الغاية في الكرم فلا شيء ولا نقص فيه (١) .


(١) مجموع الفتاوى ١٦/٢٩٥، مفتاح دار السعادة ١/٢٧٨.

<<  <   >  >>