القول الأول: رد حديث أبي سعيد وتضعيفه، والعمل بالأحاديث الواردة فيها الإباحة، لأنها أصح إسناداً وأكثر طرقاً، فكأن الحكم باق على الأصل ولم ينقل هذا الأصل إلى غيره، وقد تقدم النقل عن البخاري وأبي داود أن الصحيح في هذا الحديث الوقف وأن هماماً أخطأ فيه وهذا بناءً على الأمور التالية:
١- تفرد همام بن يحيى العوذي بالحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، وهمام كان يخطئ إذا حدث من حفظه كما تقدم نقله.
٢- أن زيد بن أسلم إمام مدني مكثر وتلامذته كثر من المدنيين والمكيين الملازمين له، ولم يرو هذا الحديث عنه إلا همام وهو كوفي ليس بالملازم لزيد بن أسلم.
٣- أن المنع من الكتابة مذهب مشهور لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه كما تقدم جمع طرق هذا عنه، فكان ينهى عن الكتابة عنه مطلقاً، ويعلل هذا خوف جعل الحديث قرآناً يشتغل به عن كتاب الله، ونجد في هذه الطرق أنه لم يعلل النهي بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة عنه، ولو كان عنده هذا لاكتفى به عن التعليل بما ذكر.
٤- أن لو كان الحديث بهذا اللفظ محفوظاً لاقتضى أن يكون النهي مستغرقا لكل ما يتناوله، والصحابة رضي الله عنهم أتبع الناس للحديث، ومع هذا فإن أبا سعيد رضي الله عنه يذكر أنه لم يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن والتشهد، والتشهد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف استثنى من النهي لو كان محفوظاً؟