للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحفظه كأبي شاه، ومنها أن البعض كان كاتباً مجيداً لا يلتبس عليه الحال كعبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان قارئاً للكتب المتقدمة ويكتب بالسريانية والعربية (١) .

وظل النهي عن الكتابة قائماً حتى كثرت السنن وخيف عليها أن تضيع من البعض فكان الإذن بالكتابة ناسخاً لما تقدم من النهي، ولم يلحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى إلا وكتابة الحديث مأذون فيها.

وقد هم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكتابة الحديث واستشار أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأشاروا عليه، فطفق يستخير الله في ذلك مدة ثم عدل عن ذلك، روى البيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له وقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبُّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً (٢) .

واستمر حال السنة على هذا حتى انتشر الإسلام، واتسعت الفتوحات وتفرق الصحابة في الأقطار ومات الكثير منهم، فدعت الحاجة إلى تدوين الحديث النبوي، وذلك حيث أفضت الخلافة إلى الإمام العادل


(١) تأويل مختلف الحديث ص٣٦٦.
(٢) جامع بيان العلم وفضله ج١ ص٢٢، تدريب الراوي ٢٨٧، تقييد العلم ص٥٠.

<<  <   >  >>