ثم قال الملحد: فالمؤمن لا يعتقد أن المخلوق فعلاً أو تأثيراً، وقد بسط العلماء الجواب عما يفعله العوام مما يظن أن فيه شبهة شرك وما هي فيه ونحن وإياهم ما نقصد بذلك إلا اتباع الله تعالى باتخاذ الوسائل وابتغاء الأسباب التي منها السعي والكسب والدعاء واتخاذ الوسائط والتوسل بجاه أحبائه إلى آخره. والجواب أن نقول: هكذا كان مشركو العرب من الجاهلية حذو النعل بالنعل كانوا يدعون الصالحين والأنبياء والمرسلين طالبين منهم الشفاعة عند رب العالمين ويلجأون إليهم ويسألونهم على وجه التوسل بجاههم وشفاعتهم ويعلمون أن الله تعالى هو النافع الضار وأن الله سبحانه هو المؤثر وأن غيره لا تأثير له في جلب نفع أو دفع ضر، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام لما جعلوا بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين الله تعالى فلم ينفعهم إقرارهم بتوحيد الربوبية وأما ما يفعله العوام مما يظن أن فيه شبهة شرك فما أجابهم علماء السوء إلا بما أرداهم فأصبحوا من الخاسرين، وأنتم وإياهم في ميدان الكفر كفرسي رهان ولعمري لقد ضلوا وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل والألفاظ التي يقولها العوام وينطقون بها دالة دلالة مطابقة على اعتقاد التأثير من غير الله تعالى فما معنى الشبهة ثم لو سلم هذا الجهل لاستحال الارتداد وانسد باب الردة الذي يعقده الفقهاء في كل مصنف وكتاب من كتب أهل المذاهب الأربعة وغيرها فإن المسلم الموحد فمتى صدر منه قول أو فعل موجب للكفر يجب حمله على المجاز العقلي والإسلام والتوحيد قرينة على ذلك المجاز وأيضاً يلزم على هذا أن لا يكون المشركون الذين نطق كتاب الله بشركهم مشركين فإنهم كانوا يعتقدون أن الله هو