قال الملحد: البحث الثالث في التوسل التوسل والاستشفاع والاستغفار كلها ألفاظ مختلفة معناها واحد عند العلماء، لكن لما كان يتطرق لفهم العوام من التوسل ما لا يتطرق الفهم من الاستغفار والاستشفاع فذكرته في بحث على حدة وبالله أستعين إذا نظرت بعين البصيرة رأيت أن التوسل بمعييه اللغوي والمصطلح ناموس جعله الله في الكون لصالح الإنسان في أمور حياته ومعاشه في الدنيا لا يستغني عنه إلا من عصمهم الله، والشرع ما أنكره كما أنكره هؤلاء الحمقاء مع تلبيسهم فيه وعدم استغنائهم عنه ولا حسبه شركاً كما حسبوه بل أباحه، لكن المنكر اعتقاد التأثير من غير الله وهو الشرك الخفي، ومع أنك ترى أكثر الناس واقعين في هذا الشرك الخفي سيما المعتقدون خلق الأفعال ومنهم من يعتقد يقيناً بأن الإنسان يتصرف ويضر وينفع كما يعتقد بتأثير الأمراض كالعدوى والأدوية وأمثالها لكنك لا تجد مؤمناً يعتقد بالرسول –عليه الصلاة والسلام- هكذا اعتقاد بل غاية اعتقاده التوسل بجاهه مع التفويض لله تعالى وإن سمعت من عامي كلاماً يفهم منه اعتقاد التأثير فما هو إلا من عجزه عن التعبير الشرعي لكن قلبه غير زائغ وإن رأيته يقبل الأعتباب والأبواب لا يتطرق لقلب مسلم بل لا قصد له إلا التبرك بها، إلى آخر ما هذي به.
والجواب أن يقال: قد بينا فيما تقدم معنى التوسل والاستشفاع وما يراد به في عرف عباد القبور واصطلاحهم وما هو المبتدع المحرم من ذلك فأغنى عن إعادته ها هنا وبيننا فيما تقدم أن التوسل والاستشفاع على معتقد عباد القبور وعرفهم