إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على من اتخذ الملائكة والأنبياء والأولياء وسائل يدعونهم من دون الله فقال تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً , أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} وأخبر تعالى أن هؤلاء المدعوين عبيده كما أن الداعين عبيده وأنهم يرجون رحمته ويخافون عذابه فكيف تدعونهم من دون الله وقد أخبر تعالى أنهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، أي القربة، وقيل الوسيلة الدرجة العليا، أي يتضرعون إلى الله في الدرجة العليا، وقيل الوسيلة كلما يتقرب به إلى الله عز وجل فتبين أن الذي أمر الله به عباده المؤمنين دعاءه والتقرب إليه بالأعمال الصالحة فالوسيلة التي تطلب من الله هي التقرب إليه بطاعته والعمل بما يرضيه قال البغوي على قوله:{وَابْتَغُوْا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} : أي: ما تتوسلون به إلى ثوابه والزلفى منه من فعل الطاعات وترك المعاصي من وسل إلى كذا إذا تقرب إليه. انتهى، فهذا الذي ذكره المفسرون في الوسيلة التي تبتغي وتطلب وأما التوسل بدعاء الأنبياء والأولياء والصالحين والاستغاثة بهم في المهمات والملمات فهو الكفر البواح الذي نهى الله عنه ورسوله وأجمع المسلمون على كفر من فعله وأتى به، والله سبحانه وتعالى لا يأمر بالكفر ولا يرضاه لعباده وإنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون، وأما قوله وابتغاء الأسباب التي منها السعي والكسب والدعاء فالجواب أن نقول: وهذا هو قول الجاهلية الكفار فإنهم ما عهدوا الأنبياء والأولياء والصالحين إلا لكونهم أسباباً ووسائل لنيل المقصود ولا فهم يعتقدون أن الله هو النافع الضار وأنه المتفرد بالإيجار والإعدام وأن الله هو