والقياس الفاسد والتهور الذي أدخله في زمرة محرفي كلام رسول الله عن مواضعه والأحاديث التي استدل بها وحرفها صريحة في النهي عن الجلوس على القبور كما يفعله أهل زماننا نساء ورجالاً والصلاة إليها كما يفعله الوثنيون ليس فيها نهي عن الزيارة ولا تشبيه من يزور قبر نبي أو غيره بعابد الشمس والقمر وغيرهما، وسيأتي حديث النهي عن الزيارة ثم إباحتها وأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يزور أهل البقيع ويستغفر لهم، نعوذ بالله من الغلو المؤدي إلى خرق إجماع الأمة من عهد الرسول إلى اليوم وتشبيه كافة المسلمين بعباد الشمس والقمر والأوثان. ولا يغرنك ما رأيته من استثناء الرسول عليه الصلاة والسلام فانه حصر الاستثناء في حياته ويوم القيامة ومن هذا الحصر تفهم اعتقاده بتحريم زيارة القبر الشريف والتمويه بعدم إنكاره ما جاء في كلام الله وإنكار الأحاديث الواردة بحق الزيارة والتوسل والاستشفاع فهل بعد هذا الضلال ضلال والعياذ بالله.
والجواب أن نقول: لولا قصر باعك وعدم اطلاعك لوجدت ما ذكره من الحق في الكتب المدونة مذكوراً وفي مظانه مسطراً مزبوراً ولكن لما انتكست قلوبكم وقصر عن معرفة الحق مطلوبكم عميت عن ذلك أبصار بصائركم وكشفت عن إدراك ذلك طباعكم، وإلا فقد ذكر ذلك شمس الدين ابن القيم –رحمه الله- في كتابه "إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان" ذكر الزيارة البدعية الشركية والزيارة الدينية الشرعية في صفحة ١١٥ وذكر ذلك شيخ الإسلام في رده على ابن الأخنائي والإمام الحافظ محمد بن عبد الهادي في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" فأما ما ذكره الملحد عن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في "الجواب الصحيح في الرد على عباد المسيح" في صفحة ١٢١ إحدى وعشرين ومائة فلم يكن من هذا الباب ولم يتعرض للزيارة في ذلك