للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد لله رب العالين فزعم هؤلاء الزنادقة أن هذا تلاعب بالدين وأن ذلك تهور وقياس فاسد فبعداً للقوم الظالمين.

فصل

قال الملحد: وأما كلامه الثاني فإنه بعد ما نقل آيات نزلت في حق المشركين، قال: وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} فالمسيح –صلوات الله عليه ومن قبله من الرسل- إنما دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وبالتوراة من ذلك ما يعظم وصفه لم يأمر أحد من الأنبياء بأن يعبد ملك ولا نبي ولا كوكب ولا وثن ولا تسأل الشفاعة إلا من الله لا ميت ولا غائب لا نبي ولا ملك، فلم يأمر أحد من الرسل بأن يدعوا الملائكة ويقولوا اشفعوا لنا إلى الله. انتهى فانظر ما في هذا الكلام من الخلط والضلال "أولاً" قياسه التوسل والاستشفاع والتوسل بهذا على عبادة النصارى والوثنيين للصور والأوثان. "ثانياً" جعل الاستشفاع والتوسل بهذا القياس من المكفرات. "ثالثاً" استثناء الأحياء والحاضرين وحصر الحريم بالأموات والغائبين وإدخال الملائكة مع الأموات والغائبين مع أن الملائكة ليسوا أمواتاً ولا غائبين والتوسل والاستشفاع بالحي أقرب لمظنة الشرك من الميت وجميع الفرق المشركة ما قالوا بألوهية حدثت لميت بعد موته بل كلهم قالوا بألوهية وكلهم ينكرون موت آلهتهم، وسيأتي في البحث الثالث إن شاء من كلام الله تعالى وكلام رسوله ما يثبت به ضلال هذا المضل ويدحض افتراءه على الله وأنبيائه، فلعمر الحق أن كلام هذا الرجل إن لم يكن عن فسق وزيغ فهو أجدر بالجنون واختلال العقل إلى آخر كلامه.

<<  <   >  >>