للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستشفاع من الحي الحاضر القادر على ما يقدر عليه من الأمور الظاهرة العادية التي أجرى الله على أيدي العباد أن ينفع بها بعضهم بعضا جائز لا نزاع فيه بين العلماء وأما الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله وليست في مقدور البشر فلا يجوز أن تطلب إلا من الله ومن طلبها من الأموات والغائبين والأحياء فقد أشركهم بالله فيما لا يقدر على فعله إلا الله وهذا هو الشرك بإجماع العلماء وأما حصره التحريم بالأموات والغائبين فإن الميت قد انقطع عمله بنص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال "إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" الحديث. فجميع ذلك وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت وأن أرواحهم ممسكة وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة أو نقصان فدل ذلك على أن ليس للميت تصرف في ذاته فضلا عن غيره فإذا عجز عن حركة نفسه فكيف يتصرف في غيره فالله سبحانه يخبر أن الأرواح عنده وهؤلاء الملحدون يقولون إن الأرواح مطلقة متصرفة {قُلْ أََأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ} هذا ملخص ما ذكره الإمام صنع الله الحلبي الحنفي، وأما الملائكة فلا يقول عاقل أنهم حاضرون وإن كانوا أحياء فهم في حكم الغائبين إلا ما كان من الملائكة الموكلين ببني آدم جائز.

وأما قوله: والتوسل والاستشفاع بالحي أقرب لمظنة الشرك من الميت فقد تقدم الجواب عنه قريباً، وأما وأما قوله: وجميع الفرق المشركة ما قالوا بألوهية حدثت لميت بعد موته بل كلهم قالوا بألوهية أحياء وكلهم ينكرون موت آلهتهم.

فالجواب أن نقول: من جعل في مخلوق نوعاً من الإلهية مثل أن يقول يا سيد فلان انصرني أو أغثني أو ارزقني أو أنا في حسبك ونحو ذلك كان مشركاًَ سواء

<<  <   >  >>