"الموطأ" روى عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا دخل المسجد قال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف في سنن أبي داود عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا عليّ أينما كنتم فإن صلاتكم تبلغني" وفي سنن سعيد بن منصور عن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب أنه رأى رجلاً يختلف إلى قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- ويدعوا عنده فقال يا هذا أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:"لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا علي أينما كنتم فإن صلاتكم تبلغني" فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء.
وأما حجة المجوزين لشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء والصالحين فحجتهم عموم قوله –صلى الله عليه وسلم- "كنتم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة" وقد يحتج بعض من لا يعرف الحديث بالأحاديث المروية في زيارة قبر النبي –صلى الله عليه وسلم- كقوله:"من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي" رواه الدارقطني وابن ماجة.
وأما ما ذكر بعض الناس من قوله:"من حج فلم يزرني فقد جفاني" فهذا لم يروه أحد من العلماء وهو مثل قوله: "من زارني ضمنت له على الله الجنة" فإن هذا أيضاً باطل باتفاق العلماء، لم يروه أحد ولم يحتج به أحد، والجواب عن هذا ما تقدم بيانه في حجة من منع شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة، والمقصود أن هذا الملحد ذكر الإجماع على ذلك من عهد الصحابة إلى يومنا، وأن الوهابية خرقوا هذا الإجماع، وقد بينا فيما تقدم قريباً اختلاف العلماء، وأنهم لم يجمعوا على ما ادعاه الملحد بل هذا من الكذب على العلماء، خصوصاً وعلى الأمة عموماً ولم يجمع على ذلك إلا الغلاة من أهل البدع الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله واتبعوا غير سبيل المؤمنين فنعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الضلالة بعد الهدى.