للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احبسوها" وفي رواية "إذا أعيت فليناد يا عباد الله أعينوا" وفي رواية "فإن الله حاضر سيحبسها" وكل أسانيد هذه الروايات لا تخلو من مقال وعلى تقدير صحتها فليس فيه إلا نداء الأحياء والطلب منهم ما يقدر هؤلاء الأحياء عليه وذلك مما لا يجحد أحده، وأين هذا من الاستغاثة بأصحاب القبور من الأولياء والصالحين؟ وكون المراد بعباد الله رجال الغيب كما زعم بعض المتصوفة فهو مردود بل هو من الخرافات ومثله زعم وجود الأوتاد والأقطاب والأربعين وما أشبه ذلك، فإن قيل إن عباد الله المذكورين غائبون وأنتم تمنعون من دعاء الأموات والغائبين.

فالجواب أن نقول: هؤلاء ليسوا بغائبين وعدم رؤيتهم لا يستلزم غيبتهم فإنا لا نرى الحفظ ومع ذلك فهم حاضرون ولا نرى الجن ومع ذلك فهم حاضرون وكذلك الشياطين والهواء ونحو ذلك فإن علة الرؤية ليس هو الوجود فقط وأيضاً فإن الأسباب الظاهرة العادية ولا خلاف بين أهل العلم في جوازها فلا حجة لهم في هذا الحديث ولا متعلق لهم فيه بوجه من الوجوه والله أعلم. وهذه الاحاديث التي ذكرها هذا الملحد التي وعد بها في فصل لزيارة أنه يدحض بها حجة شيخ الإسلام ويرد بها ضلالة على زعمه وهي كما ترى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاء لم يجده شيئاً وهذه حال حجة كل مشبه لا يعتمد فيها على كتاب الله وعلى ما صح من سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وإنما يعتمدون على مثل هذه الأحاديث الموضوعة والأكاذيب المصنوعة وعلى ما يتناولونه من الأقوال التي تأولها بعض المحرفين لمعاني كلام الله ورسوله وذلك لا يجديهم شيئاً عند التحقيق إذ لا قوام له على منهج الطريق التي سلكها المحققون من أهل الكمال والعلم والتدقيق.

<<  <   >  >>