للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو يعلمه ما لم يكن يعلمه أو من يرجوه الرب ويخافه، ولهذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ولكن ليعزم المسألة فالله لا مكره له" والشفعاء الذين يشفعون عنده لا يشفعون إلا بإذنه قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَ} وقال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الْشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} بخلاف الملوك فإن الشافع عندهم قد يكون له ملك وقد يكون شركه لهم في الملك وقد يكون مظاهراً لهم معاوناً على ملكه وهؤلاء يشفعون عند الملوك بغير إذن الملوك لهم والملك يقبل شفاعتهم تارة على إنعامهم عليه حتى إنه يقبل شفاعة ولده وزوجته لذلك فإنه محتاج إلى الزوجة وإلى الولد حتى لو أعرض عنه ولده وزوجته لتضرر بذلك ويقبل شفاعة مملوكه فإنه إن لم يقبل شفاعته يخاف أن لا يطيعه أو أن يسعى في ضرره وشفاعة العبادة بعضهم عند بع كلها من هذا الجنس فلا يقبل أحد شفاعة أحد إلا لرغبة أو رهبة والله تعالى لا يرجو أحداً ولا يخافه ولا يحتاج إلى أحد بل هو الغني قال تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلهِ مَنْ فِي الْسَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الْظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} إلى قوله: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} الآية وقوله:

{وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكَاءَ} استفهام إنكار، أي ليس متبع الذين يدعون من دون الله شركاء حجة ولا برهاناً ما يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون بين الله تعالى أن من دعا من دون الله شركاء فليس معه علم، ليس معه إلا الظن والخرص، والظن المقرون بالخرص هو ظن باطل غير مطابق للحق، فإن الخرص هنا معني الكذب، كقوله تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} ومن ظن أن "ما" هنا نافية فقد فسر الآية بما هو خطأ كما قد بسط في غير هذا الموضع، والمشركون يتخذون شفعاء من جنس ما يعهدونه من

<<  <   >  >>