للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلق العبد وما يعمل، وهذا معروف من عقائد أهل السنة والجماعة، والمقصود أن هذا الملحد زعم أن طلب المشركين ممن يعبدونه من دون الله ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى ليس بشرك لأن الله تعالى هو الفاعل لذلك حقيقة والله سبحانه يعطي لأجلهم إكراماً لهم وهكذا كان المشركون السابقون الذين بعث الله إليهم رسوله –صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا يعلمون أن الله تعالى هو الخالق الموجد وأما الأصنام وسائر المعبودين من دون الله فيقولون إنها أسباب وسائر عادية فمن أجل ذلك كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم ويعبدونهم وهذا هو دأب عبدة الصالحين في هذا الزمان يدعونهم ويستغيثون بهم وينحرون لهم وينذرون. والدعاء والاستغاثة والنحر والنذر كلها من أقسام العبادة على معناها المجازي فكذلك فليحمل لفظ العبادة الواقع في كلام المشركين الأولين الذين حكى الله تعالى عنهم حيث قال سبحانه وتعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} فما وجه الفرق؟ وأما قوله: ثم أطال الكلام في الرد على ما ينسب للغواء من الأقوال والأعمال التي يتوهمها الخصم من المكفرات وما هي من ذلك بشيء إلى آخر كلامه.

فالجواب أن نقول: قد بينا فيما تقدم أن ما يفعله عوام هؤلاء المشركين وخواصهم الغلاة من الأفعال والأقوال الشركية أنه هو عين الشرك المخرج من الملة ولا ينفعهم مع ذلك اعتذار هؤلاء الملاحدة عنهم أن هذا مجازي لأن معهم حقيقة التوحيد والإيمان وذلك أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويزكون ويحجون البيت الحرام وهذا لا ينفعهم مع وجود الحقيقة الكفر بالله ورسوله كما لا ينفعهم المنافقين الذين كانوا على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد كانوا يتلفظون بالشهادتين ويصلون ويزكون ويجاهدون مع النبي –صلى الله عليه وسلم- وهم مع

<<  <   >  >>