له الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فهذه سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهذه طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان هل نقل عن أحدهم نقل صحيح أو حسن؟ أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها وتمسحوا بها فضلاً عن أن يسألوا أصحابها جلب الفوائد وكشف الشدائد، ومعلوم أن مثل هذا مما تتوافر لهم الدواعي على نقله وقد كان من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالأمصار عدد كثير وهم متوافرون فما منهم من استغاث عند قبر ولا دعاه ولا استشفى به ولا انتصر به ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي –صلى الله عليه وسلم- من بعد موته ولا بغيره من الأنبياء ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء ولا الصلاة عندها فإن كان عندكم في هذا أثر صحيح أو حسن فأوقفونا عليه بل الذي صح عنهم خلاف ما ذهبتم إليه، ولما قحط الناس في زمن عمر بن الخطاب استسقى الناس بالعباس وتوسل بدعائه، وقال:"اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ونحن نتوسل إليك بعم نبيك فأسقنا" فيسقون كما ثبت ذلك في صحيح البخاري ذكره في كتاب الاستسقاء من صحيحه ونحن نعلم بالضرورة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يشرع لأمته أن يدعو أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الأكبر الذي حرم الله ورسوله قال الله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} .
قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ , وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} وقال تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} الآية، وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ