ولا ريب أن دعاء الموتى وسؤالهم جلب الفوائد وكشف الشدائد أنه من الشرك الأكبر الذي كفر الله به المشركين كما تقدم بيانه في المسألة الأولى، وقد قال الله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} ، وقال تعالى:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} ، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} ، وقال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} الآية، وقال تعالى:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} إلى آخره، وقد روى الترمذي عن أنس أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"الدعاء مخ العبادة" وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "الدعاء هو العبادة" ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} رواه أحمد وأبو داود والترمذي، قال العلقمي في شرح الجامع الصغير حديث الدعاء مخ العبادة قال شيخنا في النهاية مخ الشيء خالصه وإنما كان مخها لأمرين أحدهما: أنه امتثالاً لأمر الله تعالى حيث قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فهو محض العبادة، وخالصها، والثاني: إذا رأى نجاح الأمور من الله تعالى قطع عمله عما سواه ودعاه لحاجته وحده، وهذا هو أصل العبادة ولأن الغرض من الثواب عليها وهذا هو المطلوب من الدعاء، وقوله "الدعاء هو العبادة" قال شيخنا قال الطيالسي أتى بالخبر المعرف باللام ليدل على الحصر وأن العبادة ليست غير الدعاء، وقال شيخنا قال البيضاوي: لما حكم أن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة من حيث إن فاعلها مقبل على الله معرض عمن سواه ولا يرجو ولا يخاف إلا منه واستدل عليه بالآية يعني قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فإنها تدل على مأمور به إذا أتى