للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: أنه قد تبين أن العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تتخذ ذريعة إلى نوع من الشرك، بالعكوف عليها، وتعلق القلوب بها؛ رغبة ورهبة، ومن المعلوم أن المضطر في الدعاء الذي قد نزلت به نازلة فيدعو باستجلاب خير كالاستسقاء، أو لدفع شر كالاستنصار، فحاله بافتتانه بالقبور إذا رجا الإجابة عندها أعظم من حال من يؤدي الفرض عندها في حال العافية، أما الداعون المضطرون ففتنتهم بذلك عظيمة جداً، فإذا كانت المفسدة والفتنة التي لأجلها نهى عن الصلاة عندها متحققة في حال هؤلاء كان نهيهم عن ذلك أوكد وأوكد، وهذا واضح لمن فقه في دين الله، وتبين له ما جاءت به الحنيفية من الدين الخالص لله، وعلم كمال سنة إمام المتقين في تحقيق (١) ، التوحيد ونفي الشرك بكل طريق.

الثاني: أن قصد القبور للدعاء عندها ورجاء الإجابة هنالك (٢) أمر لم يشرعه الله ولا رسوله، ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أئمة المسلمين، ولا ذكره أحد من العلماء ولا الصالحين المتقدمين، بل أكثر ما ينقل ذلك عن بعض المتأخرين بعد المائة الثانية، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات ودهمتهم نوائب غير ذلك؛ فهلا جاءوا فاستسقوا (٣) واستغاثوا (٤) عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ بل خرج عمر بالعباس فاستسقى به، ولم يستسق (٥) بقبر (٦)


(١) في "الاقتضاء": "..تجريد التوحيد..".
(٢) في (الأصل) : "هناك"، والمثبت من "م" و"ش" و"الاقتضاء".
(٣) سقطت من "م" و "ش": "فاستسقوا".
(٤) في "م" و "ش": "..فاستغاثوا".
(٥) في "م" و"ش": "ولم يستسقوا".
(٦) في "الاقتضاء": "عند قبر".

<<  <   >  >>