للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استغاثوا عند قبر صاحب (١) ولا استسقوا عنده ولا به، لا استنصروا عنده ولا به.

ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، بل على ما هو دونه، ومن تأمل كتب الآثار وعرف حال السلف تيقن قطعاً أن القوم ما كانوا يستغيثون عند القبور، ولا يتحرون الدعاء عندها أصلاً، بل كانوا ينهون عن ذلك من يفعله من جهالهم.

وهذا [الدليل] (٢) قد دل عليه كتاب الله في غير موضع كقوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه} (٣) ، فإذا لم يشرع الله سبحانه الدعاء عند المقابر، فمن شرعه فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، وقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (٤) وهذه العبادة عند المقابر نوع من الشرك (٥) بالله ما لم (٦) ينزل به سلطاناً؛ لأن الله لم ينزل حجة تتضمن استحباب قصد الدعاء عند القبور، ومن جعل ذلك من دين الله فقد قال على الله ما لا (٧) يعلم، وما أحسن قول الله تعالى: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانا} لئلا يحتج بالمقاييس والحكايات.


(١) في (المطبوعة) : "صحابي.."، وهو تحريف.
(٢) ما بين المعقوفتين إضافة من: "الاقتضاء".
(٣) سورة الشورى، الآية: ٢١.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٣٣.
(٥) في "م" و"ش": "من الشرك".
(٦) في "م" و "ش": "مما لم ينزل".
(٧) في "ش": مالم".

<<  <   >  >>