للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال –رحمه الله تعالى-:

(وأما الجواب المفصل فنقول: مدار هذه الشبه على أصلين: منقول، وهو ما يحكى من فعل هذا الدعاء عند (١) بعض الأعيان، ومعقول، وهو ما يعتقد من منفعته بالتجارب والأقيسة (٢) .

فأما النقل في ذلك فإما كذب أو غلط، أو ليس بحجة، بل قد ذكرنا النقل عمن يقتدى به بخلاف ذلك.

وأما المعقول فنقول: عامة المذكور من المنافع كذب، فإن هؤلاء الذين يتحرون الدعاء عند القبور وأمثالهم إنما يستجاب لهم في النادر؛ بل يدعو الرجل منهم ما شاء الله من دعوات (٣) فيستجاب له في واحدة، ويدعو خلق كثير منهم فيستجاب للواحد بعد الواحد، وأين هذا من الذين يتحرون الدعاء في أوقات الأسحار، ويدعون الله في سجودهم وأدبار صلواتهم، وفي بيوت الله؟ / فإن هؤلاء إذا ابتهلوا من جنس ابتهال المقابرين لم تكد لهم دعوة إلا لمانع.

بل الواقع أن الابتهال الذي يفعله المقابريون (٤) إذا فعله المخلصون، لم يرد المخلصون إلا نادراً، ولم يستجب للمقابريين إلا نادراً، والمخلصون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله فيها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل الله له دعوته، أو يؤخر له من


(١) في "الاقتضاء" و"ش": "عن".
(٢) في هامش: (الأصل) : "أي من تأثير الدعاء عند المقبورين في زعمهم الباطل".
(٣) في جميع النسخ: "دعوة" والمثبت من "الاقتضاء".
(٤) في (المطبوعة) : "المقابرون" وهو تحريف، وفي "ش": "المقاريين".

<<  <   >  >>