وجوده يتضاعف في أوقات خاصة كشهر رمضان وفيه أنزل قوله {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: ١٨٦] .
وفي الحديث الذي خرجه الترمذي وغيره:"أنه ينادي فيه مناديا يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر" ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ولما كان الله عز وجل قد جب نبيه صلى الله عليه وسلم على أكمل الأخلاق وأشرفها كما في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وذكره مالك في الموطأ بلاغا: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس كلهم.
وخرج ابن عدي بإسناد فيه ضعف من حديث أنس مرفوعا:"ألا أخبركم بالأجود الأجود الله الأجود الأجود وأنا أجود بني آدم وأجودهم من بعدي رجل علم علما فنشر علمه يبعث يوم القيامة أمة وحده ورجل جاد بنفسه في سبيل الله" فدلك هذا على أنه صلى الله عليه وسلم أجود بني آدم على الإطلاق كما أنه أفضلهم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة وكان جوده بجميع أنواع الجود من بذل العلم والمال وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ ولهذا قالت له خديجة في أول مبعثه: والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثة وتضاعفت أضعافا كثيرة.
وفي الصحيحين عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس وفي صحيح مسلم عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه فجاء رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة وفي رواية: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين فأعطاه إياه فأتى قومه فقال: "يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء ما يخاف الفقر" قال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها وفيه أيضا عن صفوان بن أمية قال: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وأنه لمن أبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي قال ابن شهاب: أعطاه يوم حنين مائة من النعم ثم مائة ثم مائة وفي مغازي الواقدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان يومئذ واديا مملوء إبلا ونعما فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي.