المجلس الثالث في ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال:"إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده" فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال: يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا قال: فعجبنا وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عند الله وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر هو أعلمنا به فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من آمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو اتخذت من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن إخوة الإسلام لا تبقى في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر رضي الله عنه" الموت مكتوب على كل حي الأنبياء والرسل وغيرهم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر:٣٠] وقال: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الانبياء: ٣٤, ٣٥] وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}[آل عمران: ١٤٤] .
خلق الله تعالى آدم من تراب الأرض ونفخ فيه من روحه فكانت روحه في جسده وأرواح ذريته في أجسادهم في هذه الدار عارية وقضى عليه وعلى ذريته أنه لا بد من أن يسترد أرواحهم من هذه الأجساد ويعيد أجسادهم إلى ما خلقت منه وهو التراب ووعد أن يعيد الأجساد من الأرض مرة ثانية ثم يرد إليها الأرواح مرة ثانية تمليكا دائما لا رجعة فيه في دار البقاء قال الله تعالى:{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}[الأعراف:٢٥] وقال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا