رمضان فكان القارىء يقرأ بالمائتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصى من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر وفي رواية: أنهم كانوا يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها وروي أن عمر جمع ثلاثة قراء فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ بالناس ثلاثين وأوسطهم بخمس وعشرين وأبطأهم بعشرين ثم كان في زمن التابعين يقرؤون بالبقرة في قيام رمضان في ثمان ركعات فإن قرأ بها في اثنتي عشرة ركعة رأوا أنه قد خفف قال ابن منصور: سئل إسحاق بن راهوية كم يقرأ في قيام شهر رمضان فلم يرخص في دون عشر آيات فقيل له: إنهم لا يرضون؟ فقال: لا رضوا فلا تؤمنهم إذا لم يرضوا بعشر آيات، من البقرة ثم إذا صرت إلى الآيات الخفاف فبقدر عشر آيات من البقرة يعني في كل ركعة وكذلك كره مالك أن يقرأ دون عشر آيات.
وسئل الإمام أحمد عما روي عن عمر كما تقدم ذكره في السريع القراءة والبطيء فقال: في هذا مشقة على الناس ولا سيما في هذه الليالي القصار وإنما الأمر على ما يحتمله الناس وقال أحمد لبعض أصحابه وكان يصلي بهم في رمضان: هؤلاء قوم ضعفى اقرأ خمسا ستا سبعا قال: فقرأت فختمت ليلة سبع وعشرين وقد روى الحسن: أن الذي أمره عمر أن يصلي بالناس كان يقرأ خمس آيات ست آيات وكلام الإمام أحمد يدل على أنه يراعي في القراءة حال المأمومين فلا يشق عليهم وقاله أيضا غيره من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم وقد روي عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بهم ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل وليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل فقالوا له: لو نفلتنا بقية ليلتنا فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته" خرجه أهل السنن وحسنه الترمذي وهذا يدل على أن قيام ثلث الليل ونصفه يكتب به قيام ليلة لكن مع الإمام وكان الإمام أحمد يأخذ بهذا الحديث ويصلي مع الإمام حتى ينصرف ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام.
وقال بعض السلف: من قام نصف الليل فقد قام الليل وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" ـ يعني أنه كتب له قنطار من الأجر ـ ويروى من حديث تميم وأنس مرفوعا: "من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قيام ليلة" وفي إسنادهما ضعف وروي حديث تميم موقوفا عليه وهو أصح.