ترون إلا خرقا تبلى أو لحما يأكله الدود غدا كان الإمام أحمد رضي الله عنه يقول: يا دار تخربين ويموت سكانك وفي الحديث: "عجبا لمن رأى الدنيا وسرعة تقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها" قال الحسن: إن الموت قد فضح الدنيا فلم يدع لذي لب بها فرحا وقال مطرف: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيما لا موت فيه وقال يونس بن عبيد: ما ترك ذكر الموت لنا قرة عين في أهل ولا مال وقال يزيد الهاشمي: أمن أهل الجنة الموت فطاب لهم العيش وأمنوا الاسقام فهنيئا لهم في جوار الله طول المقام عيوب الدنيا بادية وهي تغيرها ومواعظها منادية لكن حبها يعمي ويصم فلا يسمع محبها نداءها ولا يرى كشفها للغير وإيذاءها.
قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر أفنيته ... وجامع بددت ما يجمع
كم قد تبدل نعيمها بالضر والبؤس كم أصبح من هو واثق بملكها وأمسى وهو منها قنوط بؤوس قالت بعض بنات ملوك العرب الذين نكبوا: أصبحنا وما في الأرض أحد إلا وهو يحسدنا ويخشانا وأمسينا وما في العرب أحد إلا وهو يرحمنا ثم قالت:
وبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة ليس ننصف
فأف لدار لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنار تصرف
دخلت أم جعفر بن يحيى البرمكي على قوم في عيد أضحى تطلب جلد كبش تلبسه وقالت: هجم علي مثل هذا العيد وعلى رأسي أربعمائة وصيفة قائمة وأنا أزعم أن ابني جعفرا عاق لي.
كانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السرف في إنفاق المال حتى أنها زوجت بعض لعبها فأنفقت على وليمة عرسها مائة ألف دينار فما مضى إلا قليل حتى رؤيت في سوق من أسواق بغداد وهي تسأل الناس.
اجتاز بعض الصالحين بدار فيها فرح وقائلة تقول في غنائها:
ألا يا دار لا يدخلك حزن ... ولا يزري بصاحبك الزمان