أما الأول: فخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن أنيس أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال: " رأيتها ونسيتها فتحرها في النصف الأواخر" ثم عاد فسأله فقال: "التمسها في ليلة ثلاث وعشرين تمضي من الشهر" ولهذا المعنى والله أعلم كان أبي بن كعب يقنت في الوتر في ليالي النصف الأواخر لأنه يرجى فيه ليلة القدر وأيضا فكل زمان فاضل من ليل أو نهار فإن آخره أفضل من أوله كيوم عرفة ويوم الجمعة وكذلك الليل والنهار عموما آخره أفضل من أوله ولذلك كانت الصلاة الوسطى صلاة العصر كما دلت الأحاديث الصحيحة عليه وآثار السلف الكثيرة تدل عليه وكذلك عشر ذي الحجة والمحرم آخرهما أفضل من أولهما.
وأما الثاني: ففي سنن أبي داود عن ابن مسعود مرفوعا: " اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين" ثم سكت وفي رواية ليلة تسع عشرة وقيل: إن الصحيح وقفه على ابن مسعود فقد صح عنه أنه قال: "تحروا ليلة القدر ليلة سبع عشرة صباحية بدرا وإحدى عشرين" وفي رواية عنه قال: "ليلة سبع عشرة فإن لم يكن ففي تسع عشرة".
وخرج الطبراني من رواية أبي المهزم وهو ضعيف عن أبي هريرة مرفوعا قال:"التمسوا ليلة القدر في سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين" ففي الحديث التماسها في إفراد النصف الثاني كلها ويروى من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان ليلة تسع عشرة من رمضان شد المئزر وهجر الفراش حتى يفطر قال البخاري تفرد به عمر بن مسكين ولا يتابع عليه وقد روي عن طائفة من الصحابة أنها تطلب ليلة سبع عشرة وقالوا: إن صبيحتها كان يوم بدر.
روي عن علي وابن مسعود وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت وعمرو بن حريث ومنهم من روي عنه أنها ليلة تسع عشرة روي عن علي وابن مسعود وزيد بن أرقم.
والمشهور عند أهل السير والمغازي: أن ليلة بدر كانت ليلة سبع عشرة وكانت ليلة جمعة وروي ذلك عن علي وابن عباس وغيرهما وعن ابن عباس رواية ضعيفة أنها كانت ليلة الإثنين وكان زيد بن ثابت لا يحيى ليلة من رمضان كما يحيى ليلة سبع عشرة ويقول: إن الله فرق في صبيحتها بين الحق والباطل وأذل في صبيحتها أئمة الكفر وحكى الإمام أحمد هذا القول عن أهل المدينة: أن ليلة القدر تطلب ليلة سبع عشرة قال في رواية أبي داود فيمن قال لامرأته: أنت