للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمون في طول ليالي الشهر بالإستمتاع المباح فيفوتهم طلب ليلة القدر فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل خصوصا في الليالي المرجو فيها ليلة القدر فمن ههنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصيب من أهله في العشرين من رمضان ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.

ومنها تأخيره للفطور إلى السحور وروي عنه من حديث عائشة وأنس أنه صلى الله عليه وسلم كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحورا ولفظ حديث عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء واغتسل بين الأذانين وجعل العشاء سحورا أخرجه ابن أبي عاصم وإسناده مقارب وحديث أنس خرجه الطبراني ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه واعتزل النساء وجعل عشاءه سحورا وفي إسناده حفص بن واقد قال ابن عدي: هذا الحديث من أنكر ما رأيت له وروي أيضا نحوه من حديث جابر خرجه أبو بكر الخطيب وفي إسناده من لا يعرف حاله.

وفي الصحيحين ما يشهد لهذه الروايات ففيهما عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟ فقال: "وأيكم مثلي إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" فلما أبو أن ينتهو عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال: "لو تأخر لزدتكم" كالتنكيل لهم حين أبو أن ينتهو فهذا يدل على أنه واصل بالناس في آخر الشهر وروى عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة قال: ما واصل النبي صلى الله عليه وسلم وصالكم قط غير أنه قد أخر الفطر إلى السحور وإسناده لا بأس به وخرج الإمام أحمد من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل إلى السحر وخرجه الطبراني من حديث جابر أيضا وخرج ابن جرير الطبري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل إلى السحر ففعل ذلك بعض أصحابه فنهاه فقال: أنت تفعل ذلك؟ فقال: "إنكم لستم مثلي إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني" وزعم ابن جرير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يواصل في صيامه إلا إلى السحر خاصة وإن ذلك يجوز لمن قوي عليه ويكره لغيره وأنكر أن يكون استدامة الصيام في الليل كله طاعة عند أحد من العلماء وقال: إنما كان يمسك بعضهم لمعنى آخر غير الصيام إما ليكون أنشط له على العبادة أو إيثارا بطعامه على نفسه أو لخوف مقلق منعه طعامه أو نحو ذلك فمقتضى كلامه: أن من واصل ولم يفطر ليكون أنشط له على العبادة من غيره أن يعتقد أن إمساك الليل قربة أنه جائز وإن أمسك تعبدا بالمواصلة فإن

<<  <   >  >>