أحدهما: التطوع المطلق بالصوم فهذا أفضله المحرم كما أن أفضل التطوع المطلق بالصلاة قيام الليل.
والثاني: ما صيامه تبع لصيام رمضان قبله وبعده فهذا ليس من التطوع المطلق بل صيامه تبع لصيام رمضان وهو ملتحق بصيام رمضان ولهذا قيل: إن صيام ستة أيام من شهر شوال يلتحق بصيام رمضان ويكتب بذلك لمن صامها مع رمضان صيام الدهر فرضا وقد روي أن أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحرم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بصيام شوال فترك الأشهر الحرم وصام شوالا وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
فهذا النوع من الصيام ملتحق برمضان وصيامه أفضل التطوع مطلقا فأما التطوع المطلق فأفضله صيام الأشهر الحرم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر رجلا أن يصوم الحرم وسنذكره في موضع آخر إن شاء الله تعالى وأفضل صيام الأشهر الحرم شهر الله المحرم ويشهد لهذا أنه صلى الله عليه وسلم قال في هذا الحديث:"وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل" ومراده بعد المكتوبة: ولواحقها من سننها الرواتب فإن الرواتب قبل الفرائض وبعدها أفضل من قيام الليل عند جمهور العلماء لالتحاقها بالفرائض وإنما خالف في ذلك بعض الشافعية فكذلك الصيام قبل رمضان وبعده ملتحق برمضان وصيامه أفضل من صيام الأشهر الحرم وأفضل التطوع المطلق بالصيام صيام المحرم.
وقد اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل فقال الحسن وغيره.
أفضلها شهر الله المحرم ورجحه طائفة من المتأخرين وروى وهب بن جرير عن قرة بن خالد عن الحسن قال: إن الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه وقد روي عنه مرفوعا ومرسلا قال آدم بن أبي إياس: حدثنا أبو الهلال الراسي عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بعد المكتوبة في جوف الليل الأوسط وأفضل الشهور بعد شهر رمضان المحرم وهو شهر الله الأصم".
وخرج النسائي من حديث أبي ذر قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير وأي الأشهر أفضل؟ فقال:"خير الليل جوفه وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم" واطلاقه في هذا الحديث "أفضل الأشهر" محمول على ما بعد رمضان كما في رواية الحسن المرسلة وقال سعيد بن جبير وغيره: أفضل الأشهر الحرم.