للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من فاته أن يراك يوما ... فكل أوقاته فوات

وحيثما كنت من بلاد ... فلى إلى وجهك التفات

إليكم هجرتي وقصدي ... وأنتم الموت والحياة

أمنت أن توحشوا فؤادي ... فآنسوا مقتلي ولات

من عمل طاعة من الطاعات وفرغ منها فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى وعلامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها وأحسن منها بعد الحسنة تتلوها وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها وتعفوها ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنبا قبلها النكسة أصعب من الضعفة وربما أهلكت سلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات وتعوذوا به من تقلب لقلوب ومن الحور بعد الكور وما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة وأوحش منه فقر الطمع بعد غنى القناعة ارحموا عزيز قوم بالمعاصي ذل وغني قوم بالذنوب افتقر.

ترى الحي الأولى بانوا ... على العهد كما كانوا

أم الدهر بهم خانوا ... ودهر المرء خوان

إذا عز بغير الله ... يوما شر هانوا

يا شبان التوبة لاترجعوا إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام فالرضاع إنما يصلح للأطفال لا للرجال ولكن لا بد من الصبر على مرارة الفطام فإن صبرتم تعوضتم عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان في القلوب من ترك شيئا لله لم يجد فقده عوضه الله خيرا منه: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: ٧٠] وفي الحديث: "النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه من خوف الله أعطاه إيمانا يجد حلاوته في قلبه" خرجه الإمام أحمد وهذا الخطاب للشباب فأما الشيخ إذا عاود المعاصي بعد انقضاء رمضان فهو أقبح وأقبح لأن الشباب يؤمل معاودة التوبة في آخر عمره وهو مخاطر فإن الموت قد يعاجله وقد يطرقه بغتة وأما الشيخ فقد شارف مركبه على ساحل بحر المنون فماذا يؤمل.

نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب

فكن مستعدا لداعي الفناء ... فكل الذي هو آت قريب

...

<<  <   >  >>