رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أحدثكم بمال لو أخذتم به لحقتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين".
وفي المسند وسنن النسائي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يحجون ولا نحج ويجاهدون ولا نجاهد وبكذا وبكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على شيء إن أخذتم به جئتم من أفضل ما يجيء به أحد منهم: أن تكبروا الله أربع وثلاثين وتسبحوه ثلاثا وثلاثين وتحمدوه ثلاثا وثلاثين في دبر كل صلاة".
المال لمن استعان به على طاعة الله وأنفقه في سبل الخيرات القربة إلى الله سبب موصل له إلى الله وهو لمن أنفقه في معاصي الله واستعان به على نيل أغراضه المحرمة أو اشتغل به عن طاعة الله قاطع له عن الله كما قال أبو سليمان الداراني: الدنيا حجاب عن الله لأعدائه ومطية موصلة إليه لأوليائه فسبحان من جعل سببا واحدا للإتصال به والإنقطاع عنه وقد مدح الله في كتابه القسم الأول وذم القسم الثاني فقال في مدح الأولين: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة:٢٦٢] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر: ٢٩, ٣٠] والآيات في المعنى كثيرة جدا وقال في ذم الآخرين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ، وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون: ٩, ١٠] .
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس أحد لا يؤتي زكاة ماله إلا سأل الرجعة عند الموت ثم تلا هذه الآية وأخبر عن أهل النار الذين يؤتي أحدهم كتابه بشماله أنه يقول: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}[الحاقة: ٢٨, ٢٩] والأحاديث في مدح من أنفق ماله في سبل الخيرات وفي ذم من لم يؤد حق الله منه كثيرة جدا وقد صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح للرجل الصالح" وقال: "الأكثرون